بين المعلم والمشرف التربوي
حين يأتي ذكر المشرف التربوي على أذن كل
شخص مر على صف دراسي من قبل، لا يرى غير صورة المفتش التي تركها نظام التفتيش
السابق والذي يسأل عن كل صغيرة وكبيرة في المدرسة والصف والمنهج، ويدخل تقييمه لأداء
المعلم الوظيفي ولو لم يره إلا مرة واحدة في العام، فكانت زيارته للمدرسة تحدث
زلزالًا لا يهدأ حتى يخرج.
ذلك النظام "السلطوي" تسبب في
وجود فجوة لازلت آثارها حتى اليوم باقية في العلاقة بين المعلم والمشرف التربوي،
رغم إلغاء الكثير من المهام التي كُلف بها التفتيش ومن بعدها التوجيه التربوي، وحاول
صانعو القرار في الوزارة أن يقترب المشرف أكثر من المعلم ويصبح مساعده الأول في
عمله فنيًا ومهاريًا.
لا يخفى على أحد من العاملين في ميدان
التعليم أن هذه العلاقة لا زالت غامضة حتى اليوم، وسأتحدث عنها من ثلاثة أطراف هم
الشركاء فيها، المعلم، والمشرف التربوي، وإدارة الإشراف التربوي.
فإدارة الإشراف في وزارة التعليم
وإداراتها المختلفة تحتاج إلى عقد صلح ونشر ثقافة الإشراف التربوي، وماهي مهامه
ودوافعه، لابد وأن يشعر المعلم بأدوار المشرف التربوي المهمة والضرورية له أولًا
ولطلابه ثانيا، فكل زيارة للمشرف التربوي هي لخدمتك ودعمك أيها المعلم، وكل برامج
وأنشطة وميزانيات الإشراف التربوي لن تنجح ولن تتحقق مالم تتحسن هذه العلاقة،
وتخرج من حالة التوتر المستمر إلى فضاءات الإبداع والتعاون المشترك والعمل الجماعي
الناجح والمنتج، فالمعلم في الميدان هو حلقة الوصل بين وزارة التعليم وكل العاملين
فيها وبين الطالب في صفه والذي لأجله وجد كل هؤلاء، والعلاقة بين المعلم ووزارته يمثلها
المشرف التربوي ناقل الخبرات مشجع المبادرات، والمعزز والمحفز للمعلم، فيجب أن
توضح للطرفين العلاقة بشكل واضح وصريح بنشرات وأدلة توضح دور كل طرف من هذه
العلاقة التعليمية المهمة والمؤثرة.
وعلى المشرف التربوي أن يحرص كثيرًا على
جودة علاقاته الإنسانية بزملائه المعلمين الذين يعمل معهم، ويميل إلى جانب التحفيز
والدعم والتشجيع، فنظام الإشراف التربوي نظام دعم فني بالدرجة الاولى يقوم على
خدمة المعلم بكل ما يحتاجه من إشراف على أعماله وتطوير قدراته وزيادة خبراته، وليس
بنظام متسلط على المعلم يتصيد الاخطاء ويحصي العثرات، بل يحول تلك الأخطاء
والعثرات إلى خبرات يتعلم منها المعلم اخطاءه وتضاف لحقل خبراته.
وإلى زميلي المعلم: يجب أن تدرك أن زيارة
المشرف التربوي للمدرسة هي لك وليست عليك، بإمكانك أن تطلب تأجيل أو إلغاء الزيارة
في حال وجود ظرف لا يسمح لك باستقبال ضيف؛ مثل ما إنه بإمكانك أن تصطحب
"زميلك" المشرف التربوي إلى الفصل بكل سرور وتطلعه على أعمالك وجهودك،
وتأخذ رأيه حول إجراءاتك وممارساتك التدريسية، وتتناقش معه حول ما يعترض طريقك من
مشاكل في إدارة الصف أو سلوك الطلاب أو تقديم الدروس، هو يشبه كثيرًا الدعم الفني
في شركات الاتصالات الذي تطلبه حين وجود عطل أو مشكلة في جهاز هاتفك أو شبكة
الإنترنت لديك، يأتي الفني ليساعدك على حل المشكلة وتجاوزها، واستخدام أجهزتك
بأفضل صورة وأكمل وجه.
في العملية التعليمية؛ كل طرف يكمل
الآخر: فقد يكتسب المشرف التربوي خبرة من معلم أكثر مما يعطيه، لينقلها لآخر بحاجة
لمن يقف معه ويشجعه، الجميع هنا هدفه جودة الناتج التعليمي الذي ينسب لهم.
عبد
العزيز بن بخيت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق